مسطرة التحفيظ العقاري الادارية وفق القانون رقم 07-14

مسطرة التحفيظ العقاري
مسطرة التحفيظ العقاري

مسطرة التحفيظ العقاري وفق القانون رقم 07-14 المتعلق بالتحفيظ العقاري  

      
مقدمة:
يشكل العقار ثروة مهمة وذلك لاعتباره أساس التنمية الاجتماعية والاقتصادية ولهذا فالاهتمام به قد امتد عبر التاريخ ومازال كذلك  في وقتنا الحاضر، ونظرا للأهمية التي يكتسيها فقد اهتمت به جل التشريعات  وذلك  بافراده تقنينات خاصة ويعد المغرب  من البلدان التي اعتنت بالعقار.
إن العقارات بالمغرب كانت خاضعة لأحكام الفقه الاسلامي وخاصة الفقه المالكي بالاضافة إلى خضوعه للأعراف السائدة وذلك قبل صدور ظهير التحفيظ العقاري.
والعقار بالمغرب كان يخضع  لظهيرين، أولهما: ظهير 9 رمضان 1331ه، موافق ل 12 غشت 1913م المتعلق بالتحفيظ العقاري.
وثانيهما: ظهير 19 رجب 1333ه، الموافق ل 2 يونيو 1915م الخاص بالتشريع المطبق على العقارات المحفظة، الذي نسخ بالقانون رقم: 38_09 المتعلق بمدونة الحقوق العينية إلى جانب قوانين أخرى.[1]
ومن مبررات إصدار  ظهير التحفيظ العقاري لسنة 1913 حسب سلطات الحماية نذكر وضع حد للفوضى التي كانت سائدة بالملكية العقارية، وإقرار حقوق الأفراد في الميدان العقاري على أسس عصرية، ثم وضع حد لأعمال الاستيلاء والترامي التي كانت سائدة على الأملاك العقارية العامة والخاصة، ثم سن سياسة عقارية واضحة المعالم من أجل استغلال أفضل للثروة العقارية.

وأمام الأهمية التي يحظى بها التحفيظ العقاري، ووعيا من المشرع المغربي بها فقد بادر إلى إصدار قانون 14.07 المغير والمتمم لمقتضيات ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري خصوصا وأن هذا الأخير أصبح لا يستجيب للمتطلبات الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا، وعدم ملائمته لظرفية الحالية، والتقليل من المنازعات بشأن العقار والعمل على تشجيع الاستثمار والبناء حتى يكون العقار قاطرة نحوى التنمية الاقتصادية من خلال توجه المشرع في القانون الجديد بالإسراع بالمسطرة وتبسيطا لما أمكن، والسير تدريجيا نحوى  الإجبارية في التحفيظ.
وتنقسم العقارات بالمغرب إلى عقارات محفظة وغير محفظة وأخرى في طور التحفيظ.
وتخضع العقارات المحفظة لظهير التحفيظ العقاري الصادر في غشت 1913 المعدل والمتمم بموجب القانون رقم 07-14 المنفذ للظهير الشريف رقم 177.11.1 بتاريخ 22 نونبر 2011.
وهذا النظام – أي التحفيظ العقاري – يجري وفق اجراءات دقيقة تمر منها مسطرة تحفيظ العقار، بدءا من ايداع مطلب التحفيظ مرورا بالقيام بعملية الاشهار مرورا إلى عملية التحديد المؤقت وكذا النهائي ثم تليها مرحلة التعرضات لتنتهي المسطرة إلى غاية تأسيس الرسم العقاري في النهاية.

وعليه، سيكون حديثنا في هذا الموضوع عن اجراءات التحفيظ العقاري الذي يفتتح بتقديم مطلب التحفيظ كأول مرحلة ثم القيام باشهاره واجراء عملية التحديد (المطلب الأول) وبعد ذلك تأتي مرحلة تقديم التعرضات في حالة وجودها ومن ثم تأسيس الرسم العقاري(المطلب الثاني).


 
المطلب الأول: تقديم مطلب التحفيظ واشهاره والقيام بالتحديد


سنفتح الحديث عن اجراءات التحفيظ بأول اجراء وهو تقديم مطلب التحفيظ وذلك بموجب (الفقرة الأولى) لتسليط الضوء بعدها على عمليتي الإشهار والتحديد العقاري وذلك في (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: تقديم مطلب التحفيظ العقاري
قبل تناول هذا الموضوع لابد من بيان المقصود بالتحفيظ العقاري (أولا) تم نعرج على ما يخص مطلب التحفيظ. (ثانيا)
أولا-مدلول التحفيظ العقاري
أ‌-                   التعريف الفقهي:
يقصد بالتحفيظ العقاري “ذلك الوعاء القانوني والهندسي لكل الحقوق العينية والتكاليف العقارية المصاحبة للعقار في فترة معينة من حيث إنه يصونها من كل ما يمكن أن ينازع في وجودها.[2]
ب-التعريف القانوني:
نص الفصل الأول من الظهير المذكور، كما عدل وتمم بالقانون رقم 07-14 على ما يلي:
“يرمي التحفيظ إلى جعل العقار المحفظ خاضعا للنظام المقرر في هذا القانون من غير أن يكون في الإمكان اخراجه منه فيما يعد ويقصد منه:
–         تحفيظ العقار بعد اجراء مسطرة التطهير، يترتب عنها تأسيس رسم عقاري وبطلان ما عداه من الرسوم، وتطهير الملك من جميع الحقوق السالفة غير المضمنة به.[3]
هذا وقد أشار الأستاذ محمد خيري إلى أهداف التحفيظ العقاري وحددها في ستة أهداف رئيسية على الشكل التالي:
1-    إن التحفيظ العقاري يؤدي إلى إحلال نظام قار يعطي للملكية وضعا أكثر ثباتا وأمنا، وذلك محل الرسوم العدلية التي غالبا ما يشوبها الغموض أو التشكك.
2-    ان التحفيظ العقاري يعتبر وسيلة لتطهير الملكية العقارية من كل النزاعات التي يمكن أن تثار بشأن العقار، وذلك عن طريق مبدأ التطهير المتمثل في التعرضات التي يمكن أن تثار.
3-    إن التحفيظ العقاري يضمن للمالك حقوقه على ملكيته بصفة قارة ومستمرة، ودون أن ينصرف هذا الحق للضياع أو الترامي من طرف الغير بسبب عدم الاستعمال أو التقادم.
4-    إن التحفيظ العقاري يمكن الغير من ابرام التصرف مع مالك العقار المحفظ وهو على بينة من صحة الملكية ومن سائر الحقوق المترتبة على العقار إذا كانت موجودة.
5-    إن التحفيظ العقاري يمكن الدولة من التعرف على عدد الملكيات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة في البلاد ويمكنها بالتالي من نهج سياسة ملائمة في الميدان العقاري.
6-    إن نظام التحفيظ العقاري نظام اشهاري عيني لا شخصي.[4]
ثانيا: تقديم مطلب التحفيظ
إن تقديم مطلب التحفيظ هو الذي يعطي للمحافظة العقارية اشارة البدء في اتخاذ الاجراءات اللازمة لإدخال عقار معين ضمن نظام التحفيظ العقاري.
ويقصد بمطلب التحفيظ: ” ذلك التصريح أو الطلب الذي يتقدم به المعني بالأمر أو نائبه القانوني ويسمى طالب التحفيظ، الذي يهدف من ورائه، تحفيظ عقاره أرضا أو بناء”.[5]
وبناء على هذا التقديم سيكون حديثنا في هذه النقطة عن الأشخاص الذين يحق لهم تقديم مطلب التحفيظ أ- وعن كيفية تقديمه – ب- .
أ‌-       الأشخاص الذين يحق لهم تقديم مطلب التحفيظ
حدد المشرع الأشخاص المخول لهم حق تقديم مطلب التحفيظ وذلك بموجب الفصول 10 و 11 و 12 من الظهير المذكور المعدل والمتمم بالقانون رقم 07-14 وأوردهم على سبيل الحصر وهم كما يلي:
ينص الفصل 10 على أنه: ” لا يجوز تقديم مطلب التحفيظ إلا ممن يأتي ذكرهم:
1-    المالك
2-    الشريك في الملك مع الاحتفاظ بحق الشفعة لشركائه، وذلك عندما تتوفر فيهم الشروط اللازمة للأخذ بها.
3-    المتمتع بأحد الحقوق العينية الآتية:
–         حق الانتفاع، حق السطحية، الكراء الطويل الأمد، الزينة، الهواء والتعلية، الحبس.
4-    المتمتع بارتفاقات عقارية، موافقة صاحب الملك، والكل مع مراعاة المقتضيات المتعلقة بالتحفيظ الإجباري.
وينص الفصل 11 على أنه:
” يجوز للدائن الذي لم يقبض دينه عند حلول أجله، طلب التحفيظ بناء على قرار قضائي صادر لفائدته بالحجز العقاري ضد مدينه”.[6]
وينص الفصل 12 أنه: ” يحق للنائب أن يقدم مطلبا للتحفيظ في اسم المحجور أو القاصر، حين تكون لهذا المحجور أو القاصر حقوق تسمح له بتقديم الطلب لو لم يكن محجورا أو قاصرا”.[7]
ب‌-   كيفية تقديم الطلب:
استوجب قانون التحفيظ العقاري مجموعة من الشروط في مطلب التحفيظ وذلك بنصه في الفصل 13 على أنه:
“يقدم طالب التحفيظ تصريحا للمحافظ على الأملاك العقارية مقابل وصل يسلم له فورا، مطلبا موقعا من طرفه أو من ينوب عنه بوكالة صحيحة يتضمن لزوما ما يلي:
1-    اسمه الشخصي والعائلي وصفته ومحل سكناه وحالته المدنية وجنسيته وإن اقتضى الحال اسم الزوج والنظام المالي للزواج أو كل اتفاق تم طبقا لمقتضيات المادة 43 من مدونة الأسرة ويتضمن في حالة الشياع نفس البيانات المذكورة أعلاه بالنسبة لكل شريك مع التنصيص على نصيب كل واحد منهم، وإذا كان طالب التحفيظ شخصا اعتباريا فيجب بيان تسميته وشكله القانوني وموقعه الاجتماعي واسم ممثله القانوني.
2-    تعيين عنوان أو موطن مختار في الدائرة الترابية التابعة لنفوذ المحافظة العقارية الموجود بها المالك، إذا لم يكن لطالب التحفيظ محل إقامة.
3-    مراجع بطاقة التعريف الوطنية أو أي وثيقة أخرى تعرف بهويته عند الاقتضاء.
4-    وصف العقار المراد تحفيظه  ببيان البنايات والأغراض الموجودة به ومشتملاته ونوعه وموقعه ومساحته وحدوده والأملاك المتصلة والمجاورة وأسماء وعناوين أصحابها.
5-    بيان أنه يحوز كل العقار أو جزء منه مباشرة أو عن طريق الغير، وفيما إذا انتزعت منه الحيازة يتعين بيان الظروف التي تم فيها ذلك.
6-    تقرير القيمة التجارية للعقار وقت تقديم المطلب.
7-    بيان الحقوق العينية العقارية المترتبة على الملك مع التنصيص على أصحاب هذه الحقوق بذكر أسمائهم الشخصية والعائلية وصفاتهم وعناوينهم وحالتهم المدنية وجنسيتهم وإن اقتضى الحال اسم الزوج والنظام المالي للزواج أو كل اتفاق تم طبقا لمقتضيات المادة 49 من مدونة الأسرة.
8-    بيان أصل التملك.[8]
الفقرة الثانية: عملية الإشهار والتحديد
     مباشرة بعد ايداع مطلب التحفيظ يعمل المحافظ على الأملاك العقارية داخل أجل 10 أيام، بتحرير ملخص لمطلب التحفيظ، ويعمل على نشره في الجريدة الرسمية، كما يرسل للقائد ورئيس المجلس الجماعي، ورئيس المحكمة الابتدائية، وعليه فإن مسطرة التحفيظ تمر بمراحل متعددة بعد تقديم مطلب التحفيظ، منها عملية الإشهار أولا وعملية التحديد ثانيا
أولا: عملية الاشهار
    يخضع مطلب التحفيظ لعملية الاشهار العقاري بجميع وسائله الواسعة، الغرض منها إحاطة جمهور الناس علما به، لذلك ألزم المشرع المحافظ العقاري القيام بكثير من العمليات المادية والقانونية، حيث يحرر ملخصا في ظرف 10 أيام من تاريخ تقديم مطلب التحفيظ .[9]
     ويحرر إعلانا يحدد فيه اليوم والساعة اللذان يتعين أن يتم فيها التحديد المؤقت وفقا للمادة 17 من القانون 14-07 ثم يقوم بنشر الاعلان والملخص في الجريدة الرسمية، ويرسل نسخا منها إلى كل من ممثل السلطة المحلية ولرئيس المحكمة الابتدائية الواقع في دائرة نفوذها العقار المزمع تحفيظه، وكذلك رئيس المجلس الجماعي باعتباره، إذ يعتبر هذا الأخير من بين المستجدات التي جاء بها القانون 14-07 لكي يعلق في اللوحات المعدة للإعلانات داخل مقرات عملهم الرسمي إلى اليوم المحدد للتحديد المؤقت، وذلك قبل هذا التاريخ ب 20 يوما، وذلك حسب الفصل 18من ظهير التحفيظ العقاري المعدل بالقانون 14-07.[10]
    ويمكن القول أن إشراك المشرع لهذه الجهات المسؤولية في عملية الاشهار العقاري لمطلب التحفيظ يتم عن رغبة أكيدة للمشرع في تفعيل سياسة إدارة القرب، القائمة على التواصل المباشر بين الادارة والمواطن بجميع تجلياته.
    فينبغي التساؤل عن مدى مصداقية الوسائل المقررة لإشهار مطلب التحفيظ ودورها في اخباره، وبالتالي حماية حقوقهم والدور الذي يلعبه التحديد بنوعيه المؤقت والنهائي، باعتباه مرحلة أساسية في عملية الاشهار.
أ_ النشر بالجريدة الرسمية:
     لا شك أن الهدف الأساسي من نشر مطلب التحفيظ والإعلان عن إجراء التحديد المؤقت بالجريدة الرسمية، هو اخبار أكبر عدد من الناس حتى يتسنى لكل من له مصلحة الاحتجاج وتقديم تعرضه.
    إلا أن الواقع وإكراهاته يفيد أن تقنية النشر بالجريدة الرسمية لا تؤدي وظيفة الاشهار بالشكل المطلوب، كون أغلبية الناس لا يعرفون بوجود الجريدة الرسمية، حتى إذا علموا بها فإنهم لا يتتبعون نشراتها، إما لجهل القراءة أو لعدم الفهم والاهتمام،  وهذا يعني أن الجريدة الرسمية وسيلة غير ناجعة يجب الاستغناء عنها.[11]
ب_ التعليق لدى المحكمة الابتدائية:
     فيما يخص مسطرة التعليق لدى الجهة القضائية  فإنها تعمل على الاشهار،  إلا أن أهمية هذه العملية تصطدم باكراهات النص التشريعي من حيث لزوم التعليق لدى المحكمة الابتدائية التي قد يبعد عنها العقار بمئات الكيلومترات، في حين كان الأجدر لو أضاف المشرع التعليق لدى مركز القاضي المقيم القريب من العقار المزمع تحديده.[12]
ج_ التعليق لدى السلطات المحلية:
     تعمل الجهات المحلية بدور الاشهار، وهي الأخرى تواجه مشاكل التواصل مع بعض الجهات والتي منها الجماعات الترابية التي تقتضي إرفاق إعلانات التحديد بإحداثيات العقار بالإضافة الى تصاميم أولية لها، زعما منها أن ها قد تكون معنية بطلبات التحفيظ وبالتالي إبداء موافقتها أو اعتراضها عليها، والحال أن لها فقط صلاحية التعليق لاطلاع العموم على تفاصيل طلب التحفيظ وتاريخ وساعة التحديد المزمع انجازه.[13]
ثانيا: عملية التحديد
     تعتبر عملية التحديد عملية أساسية لمسطرة التحفيظ حيث لا يتصور التحفيظ بدونها بحيث تشكل عملية هندسية تصميمية وتقنية للعقار وعاء مطلب التحفيظ والحقوق العينية المرتبطة به، وينظر إلى عملية التحديد كوسيلة إشهار لعملية التحفيظ لأنها تنجز أمام الجمهور، حيث يتم الشروع في عملية التحديد مباشرة بعد نشر خلاصة مطلب التحفيظ بالجريدة الرسمية، بحيث يرسل نسخة من هذه الخلاصة في مطبوع معد لذلك لمصلحة الهندسة الطبوغرافية والتي تقوم ببرمجة مطلب التحفيظ في قائمة مطالب التحفيظ المراد تحفيظها وإشعار مصلحة المحافظة بغية توجيه استدعاءات لمن يهمهم الأمر، الذين ينبغي عليهم الحضور بصفة شخصية أو من ينوب عليهم بوكالة  حتى يمكنوا من الحضور إلى عين المكان والتأكد من مضمون مطلب التحفيظ ومدى مطابقته للواقع.
     ويقوم المحافظ على الأملاك العقارية بأعمال استباقية لعملية تروم ضمان العلانية التامة والإشهار الواسع للعملية المطلوبة، مما يساهم في تحصينها من كل وضع بعدم المشروعية، للقيام بتسيير عملية التحديد وينتدب لهذه الغاية مهندسا مساحا طبوغرافية محلف من جهاز المسح العقاري ويجب أن يكون مقيدا في الهيئة الوطنية للمساحين الطبوغرافيين مع العلم أن هذا الأخير جعله المشرع مسؤولا في عملية التحديد وذلك حسب الفقرة الثانية من الفصل 19من القانون 14-07.
      ويتضمن محضر التحديد جانب قانوني وجانب تقني، مما يطرح التساؤل حول ما إذا كان هذا الأخير المنجز من قبل مهندس مساح طبوغرافي محلف، -الغير مكون تكوين قانوني-يكتسي حجية، فلا يمكن الطعن فيها إلا بالزور، لأن عدم إلمام المهندس بالجانب القانوني والذي يبقى من صميم المحافظ على الاملاك العقارية، قد يؤدي إلى صياغته بطريقة لا تعبر عن حقيقة مطالب طالب التحفيظ أو المتعرض، ما دام أنه في نظر المشرع هو المسئول الأول والأخير عن سلامة عملية التحديد، وبالتالي فعلى المشرع إعادة النظر في هذه النقطة، إذ يجب إشراك المحافظ العقاري إلى جانب المهندس المساح الطبوغرافي التقني الذي يعينه على تقنيات الطبوغرافية العملية والحسابية التي تعتبر جد متطورة، باعتماد التكنولوجيا الحديثة عند عملية التحديد، أما الاجراءات الأخرى ذات الطابع القانوني والتي تعتبر قواعد أساسية حتى يتسنى الوقوف على كل الجوانب، سواء ما يتعلق بالعقار وأصحاب الحقوق كالإلمام بالقوانين، سواء ذات الطابع الاجرائي أو الموضوعي.


   المطلب الثاني: التعرض على مطلب التحفيظ


        يحق لكل من يدعي حقا على العقار موضوع مسطرة التحفيظ، أن يتدخل في هذه المسطرة، عن طريق التعرض، لكن هذا التدخل ليس مفتوحا في أي وقت شاء المتعرض، وإنما له زمن محدد قانونا يشكل  تقديمه خارج هذا الأجل  مبررا لإمكانية رفضه، فمن خلال هذا المطلب نقف على مدلول التعرض ومن يحق لهم تقديم التعرض (الفقرة الأولى) ثم أجل التعرض( الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: مدلول التعرض ومن يحق لهم تقديمه
       التعرض وسيلة قانونية يمارسها الغير للحيلولة دون إتمام إجراءات التحفيظ، وذلك خلال الآجال القانونية المقررة له، ويهدف التعرض بهذا المعنى إلى توقيف إجراءات التحفيظ من طرف المحافظ وعدم الاستمرار فيها، إلى أن يرفع التعرض ويوضع حد للنزاع عن طريق المحكمة أو إبرام الصلح بين الأطراف، فهو ادعاء يتقدم به أحد من الغير ضد طالب التحفيظ[14]، بمقتضاه ينازع المتعرض في أصل حق ملكية طالب التحفيظ أو في مدى هذا الحق أو في  حدود العقار المطلوب تحفيظه، أو يطالب بحق عيني مترتب له على هذا العقار وينكره عليه طالب التحفيظ الذي لم يشر إليه مطلبه.
فالمشرع منح لكل شخص يهمه الأمر أن يتدخل مباشرة عن طريق التعرض قصد توقيف إجراءات التحفيظ، إذن فهو بمثابة  وسيلة يبادر صاحب الحق إلى ممارستها قصد إيقاف إجراءات التحفيظ خلال الأجل القانوني المقرر لذلك إلى أن يوضع  حد للنزاع.
–         إن حق التعرض ممنوح فقط لأصحاب الحقوق العينية المرتبة على العقار دون أصحاب الحقوق الشخصية، لذلك لا يقبل التعرض إلا من الآتي ذكرهم:
1_ المنازع في وجود ملكية صاحب التحفيظ في حالة كون العقار في ملكية شخص آخر حيث يحق للمالك الحقيقي أن يتعرض على إجراءات التحفيظ.
2_ الشخص أو الأشخاص الذين ينازعون في مدى حق طالب التحفيظ، كما إذ كان العقار  مشتركا على الشياع، حيث ينازع أحد الشركاء  شركاءه في نصيبه أو ينازع الشريك الأجنبي عن طريق ممارسة حق الشفعة.
3_ المنازع في حدود العقار كما لو ترامى طالب التحفيظ عن جزء من أرض جاره وضمها إلى أرضه حيث يمكن المطالبة في هذه الحالة بتعديل التحديد الذي جرى إشهاره بتحديد تكميلي.
4_ المتمتع بحق عيني على العقار لم تتم الإشارة إليه في مطلب التحفيظ كما لو رتب طالب التحفيظ على عقاره حق انتفاع ثم حصل نزاع بشأن هذه الحقوق أثناء سريان مسطرة التحفيظ.
5_ المنازع في حق وقع إيداعه طبقا للفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري كما وقع تعديله بقانون 14.07 ويلاحظ  من هنا، أنه أصبح بالإمكان تقديم التعرض على الحقوق المودعة طبقا للفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري وذلك بناء على قانون 14.07 فهذا يعد تعديلا مهما جدا، وذلك  للمنازعة في كل الإبداعات المنصبة على العقار في طور التحفيظ طبقا لمقتضيات الفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري بعدما كان يحرم  كل شخص تضرر من أحد الايداعات الواردة على مطلب التحفيظ أن يقدم تعرضا بشأنها.[15]
الفقرة الثانية:  آجال التعرض
     يمارس التعرض منذ تقديم مطلب التحفيظ إلى انقضاء أجل الشهرين المواليين لنشر الإعلان بانتهاء التحديد المؤقت في الجريدة الرسمية (أولا) وبصفة استثنائية يمكن للمحافظ غلى الأملاك العقارية أن يقبل التعرض خارج الأجل المذكور بشروط (ثانيا).
  أولا: التعرض العادي:
    يشكل التعرض على مطلب التحفيظ وسيلة قانونية لمن يدعي حقا عينيا على العقار موضوع مطلب التحفيظ ان ينازع الطالب في أحقيته في المدعى فيه[16].
     حيث أن كل من يدعي حقا عينيا على العقار المطلوب تحفيظه ولم يتسنى له التدخل أثناء عملية التحديد، يستطيع أن يتعرض على مطلب التحفيظ.
   فالتعرض مسموح به فقط لأصحاب الحقوق العينة دون أصحاب الحقوق الشخصية[17].
  وعليه يستطيع التعرض بصورة خاصة لأشخاص الآتي ذكرهم والتي وردت الإشارة إليهم في الفصل 24 من قانون 14/07.
     ويحق لهؤلاء ممارسة التعرض شخصيا أو بواسطة من ينوب عنهم إذا تعلق الأمر بقاصر أو مفقود، فإن صفة التعرض تمنح لممثلهم الشرعيين مع الإدلاء بما يفيد صفتهم، ثم ان كل من يتقدم  بطلب التعرض باسم غيره أن يقدم الوثائق التي تثبت هويته وصفته[18] وهذا ما أشار إليه الفصل 26 من ظهير التحفيظ العقاري، وتجدر الإشارة إلى أن التعرض لا يمارس إلا في مواجهة[19] طالب التحفيظ أو المتدخل في مسطرة التحفيظ طبقا لمقتضيات 84 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل والمتمم بالقانون 14/07[20].
   وبالرجوع إلى المادة 24 من قانون 14/07 فإن مدة التعرض شهران من تاريخ الإعلان عن انتهاء عملية التحديد الأولي بالجريدة الرسمية ولا تقبل أي تعرض بعد هذه المدة إلا على وجه الاستثناء.
     وقد أشار المشرع إلى شكلية طلب التعرض في الفصل 25 من نفس القانون إلى أن التعرض يكون إما كتابة أو شفاهة ويقدم إما أمام المحافظ العقاري أو المهندس المساح الطبوغرافي المحلف عند إجراء عملية التجديد[21].
  ثانيا: التعرض خارج الأجل العادي وشروطه:
  1)- أجل التعرض الاستثنائي:
    يستطيع كل من يدعى حقا على عقار في طور التحفيظ أن يتدخل في مسطرة التحفيظ عن طريق تقنية التعرض المحددة بمقتضى الفصل 24 من ظهير التحفيظ العقاري وفي حالة انقضاء هذا الأجل فإنه يبقى له مجرد حق احتمالي بحيث أن المحافظ على الأملاك العقارية هو الذي يملك كامل السلطة التقديرية في قبول أو رفض هذا التعرض خارج الأجل.
  2_ شروطه:
    يباشر التعرض على مطلب التحفيظ على وجه الاستثناء خارج أجل شهرين وفق الشروط المحددة في الفصل 29 من الظهير العقاري وهي كالآتي:
_ بعد انقضاء أجل التعرض، خول المشرع للمحافظة على الأملاك العقارية وحدة إمكانية قبول التعرض خارج الأجل.
_ لا يشترط وجود تعرض سابق داخل الأجل حتى يسمح للمحافظة على الأملاك العقارية بقبول التعرض خارج الأجل كما كان عليه الموقف القضائي قبل التعديل الذي يراقب وجود مبررات إستثنائية جالة دون التعرض داخل الأجل العادي.
_ إن صلاحية المحافظ على الأملاك العقارية بقبول التعرض خارج الأجل العدي شريطة عدم إحالة الملف على المحكمة الابتدائية لتنظر في التعرض طبقا للفصل 29 من ظ، ت، ع، وهذه العبارة غير قابلة للتفسير ولا للتأويل، عكس الظهير السابق الذي كان يخول للمتعرض تقديم تعريضه بالرغم من توجه الملف إلى المحكمة.
_ يتعين على المتعرض أن يبين الأسباب التي منعته من تقدم تعرضه مدليا بالوثائق المؤيدة لذلك ويلزم بتقديم الوثائق والمستندات المؤيدة لتعرضه وأداء الرسوم القضائية وحقوق المرافعة.
_ إن قرار المحافظ بعدم قبول التعرض غير قابل للطعن القضائي بصراح الفقرة الأخيرة من الفصل 29[22] من ظ، ت، ع ونشير في الأخير إلا أن صور التعرض هناك الكلي والتعرض الجزئي على مطلب التحفيظ الموارد تحفيظه.

[1] المختار بن أحمد عطار، التحفيظ العقاري في ضوء التشريع المغربي وفق أحدث التعديلات، مطبعة النجاح الجديدة، ط/2، 2013م، ص:9.
[2]- د. محمد الحياني، عقد البيع وقانون التحفيظ العقاري بالمغرب، مطبعة وراقة الكتاب بفاس، ط1، 1994، ص 87.
[3]-الفصل الأول من القانون رقم 07-14 الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 177.11.1 بتاريخ 22 نوبر 2011، مجلة مجموعة القانون المغربي، العدد 68، القانون العقاري الجديد، ط4، ص 11.
[4]- محمد خيري، قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي، دار نشر المعرفة الرباط، ط5/2009، ص 94.
[5]- محمد الحياني، م.س، ص 108.
[6] الفصل 11 من القانون _14_07
[7] الفصل 12 من القانون _14_07

[8] الفصل 13 من القانون _14_07

[9] عمر أوزكار، مستجدات التحفيظ العقاري في ضوء القانون 14/07 ومدونة الحقوق العينة دراسة عملية ورصد للمواقف القضائية لمحكمة النقض، ط 1، سنة 1433-2012، ص: 83.
[10]  البكاري معزوز، محاضرات في نظام التحفيظ العقاري، دراسة في ق 14/07 المغير والمتمم لظهير التحفيظ العقاري مطبعة سجلماسة الزيتون- مكناس بدون ذكر السنة، ص: 75,
[11]  فاطمة الحروف، مرجع سابق، ص:62.
[12]  هشام بصري، مسطرة التحفيظ وإشكالاتها العملية، دراسة تحليلية على ضوء القانون 14_07، ط/1، 2013م، ص:63.
[13]  هشام بصري، م س، ص:63.
[14] نجيم أهتوت، محاضرات في مادة القانون العقاري ، جامعة سيدي محمد بن عبد الله كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، فاس،السنة الجامعية، 2015-2016.
[15] :نجيم أهتوت، مرجع سابق،ص:45-46.
[16]  عمار أزوكار، مستجدات التحفيظ العقاري في ضوء القانون 14/07 ومدونة الحقوق العينة دراسة عملية ورصد للمواقف القضائية لمحكمة النقض، ط 1، سنة 1433-2012 ص 108
[17]  مأمون الكزبري، التحفيظ العقاري والحقوق العينية الأصيلة والتبعية في ضوء التشريع المغربي، ج 1 الطبعة  سنة 1987، ص 49
[18]  البكاري معزوز، محاضرات في نظام التحفيظ العقاري، دراسة في ق 14/07 المغير والمتمم لظهير التحفيظ العقاري مطبعة سجلماسة الزيتون- مكناس بدون ذكر السنة  ص 77
[19]  الفصل 26 من التحفيظ العقاري
[20]  الفصل 24 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل والمتمم بالقانون 14/07، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 177، 11، 1 بتاريخ 22 نونبر 2011، منشور بالجريدة الرسمية، عدد 5998 بتاريخ 24 نوفمبر 2011، ص 55 75.
[21]  الفصل 25 من القانون 14/07
[22]  الفصل 29 من ق 14/07 الذي نص على أنه “بعد انصرام الأجل المحدد في الفصل 27 أعلاه يمكن أن يقبل التعرض بصفة استثنائية من طرف المحافظ على 
 
الأملاك العقارية ولو لم يرد على مطلب التحفيظ أي تعرض سابق، شريطة ألا يكون 
 
الملف قد وجه إلى المحكمة الابتدائية.
يتعين على المعترض أن يدلي للمحافظ على الأملاك العقارية، بالوثائق المبنية لأسباب 
 
التي منعته من تقديم تعرضه داخل الأجل، وبالعقود والوثائق المدعمة لتعرضه، كما 
 
يتعين عليه أن يؤدي الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو يثبت حصوله على المساعدة القضائية.
يكون قرار المحافظ على الأملاك العقارية برفض التعرض غير قابل للطعن القضائي

إقرأ أيضا:
تحميل PDF مجموعة عروض في القانون العقاري
تحميل PDF مجموعة عروض في قانون الشغل
تحميل PDF مجموعة عروض في القانون الجنائي
تحميل PDF أزيد من 100 عرض في مجالات القانون

تحميل PDF عروض وبحوث في الوسائل البديلة

ضع تقييمك لهذه المقالة
شارك مع أصدقائك