دور المحافظ العقاري في تحقيق الملكية

دور المحافظ العقاري في تحقيق الملكية
دور المحافظ العقاري في تحقيق الملكية

دور المحافظ العقاري في تحقيق الملكية

مقدمة:


يحتل العقار مكانة مهمة داخل النسيج الإقتصادي والاجتماعي، فقد كان ولازال  سببا رئيسيا لتقدم أي بلد فهو البنية التحتية لقيام أي مشروع استثماري تجاري أو صناعي أو اقتصادي.


ومن هذا المنطلق ، يتضح لنا جليا الدور الكبير للعقار في حياة الإنسان، لذلك كان لابد أن يكون محل تنظيم  محكم من المشرع المغربي ،وقد أحدث نظام التحفيظ العقاري بالمغرب مباشرة عقب إعلان الحماية عليه بهدف مواكبة الأوضاع التي استحدثها الإستعمار.
وقد تم استحداث القانون العقاري بالمغرب من أجل غايات استعمارية  بالدرجة الأولى، إلا أن  المشرع المغربي ارتأى الإبقاء على هذا النظام بعد حصوله على الإستقلال لإعتباره مكسبا  ويجب التمسك به وتطويره قصد ملائمته مع  الواقع المعاصر.
ولقد عمل المشرع المغربي على صياغة نظام يكفل حماية العقار ويجعله مساهما في مجال  التنمية وهادفا إلى تثبيت الحقوق العقارية والمحافظة عليها من الضياع والاحتيال، لأنه يقوم  على مبادئ التطهير والتصفية والإشهار والقوة الثبوتية. هذا النظام مزدوج في هيكلته ومتنوع  في طبيعته، إذ يوجد نظام العقارات المحفظة المستمد من نظام الشهر العيني الذي يستقي  مبادئه من ظهير التحفيظ العقاري الصادر بتاريخ 9 رمضان 1331 الموافق لـ 12 غشت  1913 والمعدل بمقتضى القانون رقم 07/14 المؤرخ في 25 ذي الحجة 1432 الموافق لـ 22  نونبر 2011. ونظام خاص بالعقارات الغير المحفظة والذي أصبح يخضع لأحكام مدونة  الحقوق العينية التي صدرت بتاريخ 25 ذي الحجة 1432 الموافق لـ 22 نونبر 2011.
ويعد المحافظ العقاري حجر الزاوية في النظام العقاري المغربي وركيزته الأساسية حتى أضحى التحفيظ العقاري  بالمغرب مقترنا باسمه وتحت مسؤوليته
 وعلى رأس كل محافظة عقارية يوجد محافظ على الأملاك العقارية والرهون يتولى تسييرها والإشراف على العمل بها، فهو يتميز عن باقي رؤساء الإدارات العمومية والمصالح الخارجية للوزارات بالسلطات الواسعة التي يتمتع بها وحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه وكذا باقتران مهامه بحق الملكية الذي نص الدستور على ضمانه.[1]
لذلك فقد جاء قانون التحفيظ العقاري بالعديد من المقتضيات وسن جملة من الإجراءات، حيث  أناط تطبيقها بالمحافظ على الأملاك العقارية من خلال تخويله مجموعة من المهام  والاختصاصات، هذه الأخيرة يمارسها عن طريق اتخاذ مجموعة من القرارات الإدارية  ترافق مسطرة التحفيظ منذ وضع مطلب التحفيظ ومرورا بمسطرة التحديد والتعرضات  ووصولا إلى تأسيس الرسم العقاري، بل تتعدى هذا النطاق إلى ما بعد اتخاذ قرار التحفيظ  لتشمل مسطرة التقييدات والتشطيبات وإجراء التصحيحات.
وقد تنتهي مسطرة التحفيظ  بدون أية عراقيل خلال المرحلة الإدارية ،فلا يكون أمام المحافظ  العقاري سوى إنشاء رسم لهذا العقار إلا انه في بعض الأحيان يمكن أن تتخلل هاته المسطرة  مرحلة قضائية حيث ينتقل الملف إلى المحكمة قصد البت فيه.
بالإضافة إلى إلى ذلك فإن المحافظ ليس مجرد عون للتنفيد يكتفي بتلقي الوثائق و تسجيلها، بل  هو مسؤول ويجب عليه التحقق من صحة الوثائق المقدمة إليه شكلا ومضمونا قبل اتخاده أي  قرارسواء في مرحلة ما قبل تأسيس الرسم العقاري أو في مرحلة التسجيل ,ولذلك خول  المشرع المغربي للمحافظ سلطات تقديرية واسعة تتجلى أهمها في المراقبة أو ما يسمى بمبدأ  المشروعية [2].,وبالمقابل فقد أوكل المشرع إلى المحافظ العقاري مهمة تنفيذ الأحكام القضائية بالسجلات العقارية لتنتج آثارها في مواجهة الأطراف والغير.


والاختصاصات الممنوحة للمحافظ العقاري تقابلها مسؤولية.بحيث لا يمكن الحديث عن  الاختصاص في حياد عن المسؤولية ، إذ عمل المشرع على ضبط هذه الأخيرة بمجموعة من  المقتضيات التشريعية الرامية إلى تحسيس المحافظ بضرورة أداء وظيفته بدون خطأ، وذلك  عن طريق جعل هذه المقتضيات أساسا للمسؤولية التي يمكن أن تثار ضده ,وتجدر الإشارة  إلى أن المحافظ يكون محل إثارة لمسؤليته إدا ما ثبت  خطأه وهو بصدد ممارسة  الاختصاصات المنوطة به قانونا.كما أن النصوص التي تحدد مسؤولية المحافظ العقاري   تتميز بالتعدد والتنوع ما بين نصوص ق.ل.ع ونصوص ظهير التحفيظ العقاري.

فما هي إدن أهم الإختصاصات والصلاحيات  المنوطة بالمحافظ على الأملاك العقارية من
خلال مراحل إجراءات التحفيظ العقاري و التقييد في السجل العقاري ؟ وما هي نطاق  المسؤولية التي يتحملها المحافظ من خلال الصلاحيات الموكولة له من طرف المشرع؟

    و للإجــــــــــابـــة علــــى هذا الإشكـــــــــــــــالية، ارتئيـــنا تقسيـــم موضــوع عرضنا  إلا مبحثين
 وسنتطرق في المبحث الأول إلى اختصاصات المحافظ العقاري
على أن نتاول  في المبحث الثاني على المسؤولية التي يتحملها .


 
المبحث الأول: إختصاصات المحافظ  على أملاك العقارية


أسند المشرع المغربي لمحافظ العقاري مجموعة من الاختصاصات قصد أداء وظيفته على الشكل المطلوب لذلك سنحاول الوقوف على اختصاصات المحافظ العقاري في المرحلة السابقة لتأسيس الرسم العقاري (المطلب الأول) ثم سنحاول الحديث عن  اختصاصات المحافظ في المرحلة الاحقة لتأسيس الرسم العقاري (المطلب الثاني).


 المطلب الاول : إختصاصات المحافظ في المرحلة السابقة   لتأسيس الرسم العقاري


تتطلب المسطرة الإدارية للتحفيظ العقاري من المحافظ على الاملاك العقارية القيام بمجموعة من الاجراءات و المرور عبر العديد من المحطات الضرورية أولها دراسة مطالب التحفيظ المقدمة ( الفقرة الاولى)،لتليها كل من عملية التحديد و فتح أجال لتلقي التعرضات ( الفقرة الثانية ).
الفقرة الاولى : دور المحافظ خلال تقديم مطلب التحفيظ    
بما ان التحفيظ هو مبدئيا عمل اختياري[3]، فإن المبادرة او الخطوة الاولى لانطلاق مسطرة التحفيظ ينبغي ان تأتي من خلال جانب المالك حينما يعبر عن إرادته و يختار تطبيق مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري بشأن عقاره، و التعبير الصحيح عن هده الخطوة يجب أن يتجسد في مطلب للتحفيظ يقدم الى المحافظة العقارية المختصة من طرف المالك نفسه ، أو من ينوب عنه قانونا .[4] 
  و دور المحافظ العقاري خلال هذه المرحلة التي تشكل الانطلاقة الاولى لعملية التحفيظ تتمثل في تسلمه لمطلب التحفيظ هذا الاخير لا يجوز تسلمه من طرف كل من دب و هب ، فطلب التحفيظ لا يجوز تقديمه الا من طرف أحد الأشخاص الذين حددهم المشرع من ظهير التحفيظ العقاري و هم على سبيل الحصرا[5] و بواسطة وكيل يعين للقيام بهذا العمل و دلك استنادا على وكالة خاصة.
 و من أجل قبول مطلب التحفيظ من طرف المحافظ العقاري فقد أوجب المشرع إفراغ هذا المطلب في شكل معين، مع وجوب توفره على مجموعة من البيانات الإلزامية المنصوص عليها صراحة في الفصل 13 من قانون التحفيظ العقاري.
  و ما يجب لفت الإنتباه إليه هو أن مطلب التحفيظ لا يعتبر في حد ذاته دليلا على الملكية بل هو مجرد افتراض للملكية و على طالب التحفيظ أن يدعم طلبه بالوثائق المثبتة لملكيته[6] و هذا ما نص عليه المشرع صراحة من خلال الفصل 14 من ظهير التحفيظ العقاري و الذي جاء فيه ” يقدم طالب التحفيظ مع مطلبه أصول أو نسخ رسمية للرسوم والعقود والوثائق التي من شأنها أن تعرف بحق الملكية وبالحقوق العينية المترتبة على الملك. “
    و من بعد أن يقدم طالب التحفيظ تصريحه مرفقا بالبيانات و الوثائق المذكورة أعلاه للمحافظ العقاري وفي المقابل يسلمه هذا الأخير فورا وصلا عن ذلك قصد الحفاظ على حقوق طالب التحفيظ من الضياع، و يضرب له أجلا محدد من أجل دراسة تصريحه و الخروج بأحد الالمحاقرارين، فإما قبول المطلب أو تحرير رفض معلل إذا كان هناك مانع يحول دون امكانية قبول طلبه و ذلك قصد الطعن في ذلك القرار من قبل طالب التحفيظ في حالة عدم اقتناعه بقرار الرفض.[7]
   و ما يجب التنويه به هو أنه في حالة قبول هذا الطلب فتستوجب الضرورة في هذه الحالة على طالب التحفيظ أن يودع بالمحافظة العقارية مبلغا من المال يساوي النفقات المرتقبة لعملية التحفيظ و ذلك أمر طبيعي ما دام الأصل هو أن التحفيظ ليس مجانيا بل يخضع لتأدية الرسوم [8]
   الفقرة الثانية: دور المحافظ العقاري في عملية التحديد و تلقي التعرضات
 بمجرد قبول مطلب التحفيظ من قبل المحافظ العقاري كما تمت الإشارة لذلك اًنفـا، يجبر  المحافظ  بوضع خلاصة لمطلب التحفيظ و ذالك داخل أجل 10 أيام من تقديم المطلب مع وجوب تحديده لتاريخ عملية التحديد و ذلك داخل أجل شهرين من نشر الخلاصة بالجريدة الرسمية[9]
 و حتى لا تسير عملية التحفيظ في جو من السرية و الكتمان و تطبيقا لمبدأ العلنية في ميدان الشهر العقاري قرر المشرع اعتماد ثقنية اشهار واسعة لجميع عمليات التحفيظ، بدءا بمطلب التحفيظ  و نهاية بتأسيس الرسم العقاري و ذلك قصد إحاطة الجمهور علما بذلك [10]و قد حدد المشرع عملية الإشهار هاته بداية بنشر خلاصة مطلب التحفيظ بالجريدة الرسمية و إضافة لهذا النشر يتم بعث نسخ من الملخص مرفوقة بالإعلان الذي يحدد فيه المحافظ تاريخ عملية التحديد الى كل الجهات الإدارية و القضائية الموجود في نطاقها العقار المطلوب تحفيظه و هذا التبليغ يجب أن يوازيه اشعار بالتوصل من طرف هذه الجهات [11] و هذه الأخيرة هي محددة بمقتضى الفصل 18 من ق ت ع في كل من رئيس المحكمة الإبتدائية و ممثل السلطة المحلية و رئيس المجلس الجماعي، و دور كل هؤلاء هو تعليق هذه الوثائق في اللوحة المعدة للإعلانات و ذلك بغية تمكن الجمهور من الإطلاع عليها، و تبقى حتى اٌخر اليوم المحدد لإجراء التحديد المؤقت[12]
  إن أول عملية تلي مرحلة الإشهار المشار إليها أعلاه، و هي العملية الثقنية  الأكثر من قانونية و المتمتلة أساسا في عملية التحديد، و إذا رجعنا إلى قانون التحفيظ العقاري بخصوص عملية التحديد سوف نلاحظ أن هذه العملية قد أخذت من المشرع زهاء ستة فصول قانونية [13] لعب فيها المحافظ العقاري دورا أساسيا، فهو الذي يضع برنامج التحديد و ذلك بتحديده لليوم و الساعة المزمع إجراء التحديد فيهما. و بصفة عامة فهو المسؤول عن كل إجراءات عمليات التحديد بشقيها المؤقت و النهائي و من ألفها الى يائها.
  و ما يجب لفت الإنتباه إليه هو أن كل هذه الأدوار التي أنيطت بالمحافظ العقاري بشأن عمليات التحديد تبقى نظرية، فالواقع العملي يقر بأنه في غالب الأحيان ينتدب المحافظ العقاري للقيام بإجراءات التحديد مهندسا مساحا طبوغرافيا و التابع لمصلحة المسح العقاري و الطبوغرافي و ذلك عملا بمقتضيات الفصل 19 من ق ت كما تناط بالمحافظ  العقاري مهمة أخرى و هي ضرورة توجيه الاستدعاء الشخصي لعدد من الأشخاص قصد حضور عملية التحديد.  
و بعد انتهاء عملية التحديد يلزم المحافظ العقاري بنشر اعلان عن انتهاء عملية التحديد النهائي بالجريدة الرسمية، و يعتبر نشر الإعلان عن انتهاء التحديد فرصة جديدة لكل من يريد التعرض على هذا التحديد، حيث يتم الإشارة بأن التعرضات تقبل خلال شهرين ابتداءا من تاريخ هذا النشر [14] و ذالك بغية فتح الباب للأشخاص الذين فاتتهم فرصة تقديم التعرضات خلال مرحلة التحديد[15]. و ما يجب الإشارة اليه هو أن قانون 07-14 جاء بمستجد مهم و هو التعرض الستثنائي الخارج عن الأجال و منح سلطة النظر فيه للمحافظ العقاري لوحده و ذلك وفق شروط محددة   و على العموم و حتى لا نطيل والنصوص القانونية المنظمة للتحفيظ العقاري عامة ولمسطرة التحفيظ خاصة ولاسيما تلك المتعلقة بالتعرضات، تؤكد على الدور الكبير الذي يعلبه المحافظ العقاري في مراقبة السندات التي يقدمها المتعرضون،  وذلك حرصا على مصالح طلاب التحفيظ،  ودرءا لكل ما من شأنه أن يعمل على عرقلة مسطرة التحفيظ بدون  وجه حق، ودفعا لكل إجراء بغير سبب وعلى حساب القانون. وإن كان هذا الأخيرقد وضع عقوبات زجرية لكل متعسف وسيء النية.
  و بعد انتهاء أجال التعرضات سواء العادي أو الإستثنائي، فإن المحافظ العقاري يكون أمام فرضيتين، فإما أن يكون مطلب التحفيظ سالما من أي تعرض و بالتالي تأسيس المحافظ العقاري لرسم عقاري بشأنه،  أو يجد نفسه أمام الفرضية الثانية و هي انصباب تعرض أو مجموعة من التعرظات على مطلب التحفيظ و في هذه الحالة تتحول المسطرة من مسطرة إدارية إلى مسطرة قضائية لتأخد منحى اخر.
 


المطلب الثاني: اختصاصات المحافظ في المرحلة اللاحقة لتأسيس الرسم العقاري


إذا كان المحافظ يقوم بدور مهم في تثبيت و تحقيق الملكية في المرحلة السابقة لتأسيس الرسم العقاري، فإن دوره في المرحلة اللاحقة لا يقل أهمية، و ذلك من خلال تقييد و تشطيب الحقوق، فهذه المرحلة تعرف عدة إجراءات منوطة بالمحافظ العقاري تهدف إلى تحقيق الملكية العقارية و حمايتها أي إعطاء لكل ذي حق حقه. و منه سنتناول الدور المحوري الذي يلعبه المحافظ في ظل هذه المرحلة من خلال الإختصاصات المنوطة به سواء على مستوى التقييدات (الفقرة الأولى) أو في الشق المتعلق بالتشطيبات (الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى: اختصاصات المحافظ في مرحلة التقييدات
قبل الشروع في تدارس و البحث في دور المحافظ و اختصاصاته في هذه المرحلة لا بأس أن نذكر بمفهوم التقييد و الذي يقصد به تلك العملية الكتابية التي تنشأ حقا عينيا عقاريا أو تنقله أو تعدله و الهدف منه هو إشهار هذه الحقوق، بحيث تصبح جميع التصرفات المتعلقة بالعقار المحفظ واجبة الإشهار عن طريق تقييدها بالسجل العقاري[16]فإذا كان التحفيظ هو عمل اختياري طبقا للفصل 6 من القانون 14.07 فإن التقييد عمل إجباري يحتم ضرورة تقييد جميع التصرفات المتعلقة بالعقار المحفظ.
و عليه فقد أناط المشرع المغربي بالمحافظ العقاري مجموعة ممن الاختصاصات تتعلق بإجراءات التقييد بالرسم و السجل العقاريين و ذلك بمقتضى نص المادتين 72 و 74 و يتعلق الأمر:
-بالتحقق من هوية و أهلية المفوت
-التأكد من مدى مطابقة البيانات المسجلة بالسجل العقاري و البيانات المصنفة بالطلب بدقة و ذلك تحت مسؤوليته.

مراقية صحة الوثائق المدلى بها شكلا و جوهرا طبقا للفصل 72 و لما كان نص المادة 4 من مدونة الحقوق العينية واضحا فيما يخص أن جميع التصرفات الناقلة للملكية و المنشئة للحقوق العينية أو الناقلة أو المعدلة أو المسقطة لها تحرر في محرر رسمي فإن المحافظ لن يتعامل مع الوثائق العرفية بل الرسمية فقط.
و هكذا بعد تحقق المحافظ من هذه العمليات السالفة الذكر فإنه يخلص:

إما لقبول طلب التقييد و ذلك في حالة تأكده من صحة العمليات المطلوب منه إنجازها و بذلك يقوم بتقييد الحقوق المراد تقييدها في سجل يسمى بسجل الإيداع، هذا الأخير يتم حصره من طرف المحافظ بشكل يومي تفاديا للتلاعب و لمنع أي تقييد سابق أو لاحق لم يتم تقييده[17].

إما لرفض التقييد في حالة توصله لنتيجة سلبية أي في حالة وجود مانع من التقيد و عموما في حالة رفضه للتقييد فالمحافظ ملزم بتعليل قراره و إبلاغه للمعني بالأمر حتى يتمكن من الطعن فيه.
الفقرة الثانية: اختصاصات المحافظ في مرحلة التشطيبات
طبقا لمقتضيات الفصل 91 من القانون 14.07 فإنه يمكن أن يشطب كل ما ضمن بالرسم العقاري من تقييد أو بيان أو تقييد احتياطي بمقتضى كل عقد أو حكم مكتسب لقوة لشيء المقضي به يثبت انعدام أو انقضاء الحق موضوع التضمين، في مواجهة الأشخاص الذين يعنيهم هذا الحق.
و بالتالي فالتشطيب هو تقييد سلبي سجل بالرسم العقاري من طرف المحافظ العقاري يهدف إلى زوال و انقضاء حق مقيد بالرسم العقاري، و ذلك بالتأشير على هامش التقييد في صحيفة الرسم بما يفيد أن التقييد لم يعد قائما.
أما بالنسبة لدور المحافظ خلال هذه المرحلة فلا يختلف عن دوره في مرحلة التقييدات إذ يجب عليه طبقا للفصل 94 التحقق من أن التشطيب موضوع الطلب لا يتعارض مع البيانات المضمنة بالرسم العقاري، و التحقق كذلك من أن الوثائق المدلى بها تجيز التشطيب.
بالإضافة لإنجازه لكل تشطيب بالرسم العقاري ببيانات موجزة و يؤرخ هذا التشطيب و يوقع من طرف المحافظ تحت طائلة  البطلان.
كما يمكن للمحافظ على الأملاك العقارية اللجوء إلى التشطيب التلقائي على التقييد الاحتياطي دونما حاجة لتلقيه لأي طلب طبقا للفصل 86، و ذلك في الحالة التي لايتمم فيها صاحبه إجراءات التقييد النهائي بعد انصرام الأجل المحدد له حسب كل حالة على حدة.


المبحث الثاني : مسؤولية المحافظ على الأملاك العقارية .


    إن المهام التي أوكلها المشرع إلى المحافظ العقاري من اجل أداء وظيفته على الشكل المطلوب تتسم بنوع من الخطورة ، خصوصا وأن قضايا التحفيظ العقاري لها ارتباط وثيق بحق ملكية الأفراد باعتبار حق الملكية حق مقدس يحميه الدستور[18] ، وكذا المواثيق الدولية ، مما جعل المشرع المغربي أن يضع مقتضيات تشريعية تجعل من المحافظ مسؤول مسؤولية شخصية عن كل خطأ قد يمس بحق الملكية ، سواء تعلق الأمر بالمسؤولية المدنية التي يترتب عنها المطالبة بالتعويض أو المسؤولية الجنائية التي تتمثل في تنزيل مقتضيات القانون الجنائي خصوصا في الحالات التي يرتكب فيها المحافظ فعل يعد جريمة .


     لذلك ومن اجل توضيح هذه النقطة سوف نبحث في مسؤولية المحافظ من جانبين ، الأول يتمثل في المسؤولية المدنية (المطلب الأول) ، أما الجانب الثاني سنبحث من خلاله في المسؤولية الجنائية (المطلب الثاني ) .


المطلب الأول : المسؤولية المدنية للمحافظ العقاري .


    كما سبق القول بأن المسؤولية المدنية أثناء قيامها وتوفر أركانها يصبح للمتضرر إمكانية رفع دعوى التعويض من جراء الضرر الذي أصابه نتيجة الخطأ المرتكب من طرف المحافظ .
   فالمشرع المغربي عمل على ضبط مسؤولية المحافظ العقاري بمجموعة من المقتضيات التشريعية الهادفة أساسا إلى تحسيس هذا الأخير بخطورة مهامه وضرورة أداء وظيفته بدون خطأ.
وبرجوعنا الى النصوص القانونية التي تؤطر هذا النوع من المسؤولية نجدها تتنوع ما بين نصوص ق.ل.ع  ونصوص ظهير التحفيظ العقاري ، لهذا يجوز لنا الوقوف على المسؤولية المدنية للمحافظ ضمن القواعد العامة أي قانون ق.ل.ع  (الفقرة الأولى) ، ثم القواعد الخاصة أي ظهير التحفيظ العقاري (الفقرة الثانية).


 الفقرة الأولى : مسؤولية المحافظ في إطار القواعد العامة .
   يعتبر قانون الالتزامات و العقود المغربي الشريعة العامة لبعض القوانين الخاصة الأخرى ، حيث يتم الرجوع إليه في حالة عدم وجود نص يِؤطر نازلة معينة ، و مسؤولية المحافظ العقاري تدخل ضمن المسؤوليات التي تناولها ق.ل.ع  ضمن الشق المتعلق بالمسؤولية التقصيرية ، وبتفحصنا للنصوص المؤطرة لهذه المسؤولية تجد الفصل 79 و 80 ق.ل.ع  المنظمين لمسؤولية الدولة عن الأخطاء التي يرتكبها موظفوها أثناء مزاولتهم لإختصاصاتهم .
 فبرجوعنا إلى الفصلين 79 و 80 ق.ل.ع  نجدهما الأساس القانوني لمسؤولية المحافظ العقاري في نطاق القواعد العامة . حيث ينص الفصل 79 ق.ل.ع   على أن الدولة والبلديات مسؤولة عن الأضرار الناتجة  مباشرة عن تسيير إدارتها وعن الأخطاء المصلحية لمستخدميها .
 أما الفصل 80 ق.ل.ع  فينص على أن “مستخدموا الدولة و البلديات مسؤولون شخصيا عن الأضرار الناتجة عن تدليسهم أو عن الأخطاء الجسيمة الواقعة منهم في أداء وظائفهم ، و لايجوز مطالبة الدولة و البلديات بسبب هذه الأضرار إلا عند إعسار الموظفين و المسؤولين عنها “.
  وبقراءتنا للفصلين 79 و 80 ق.ل.ع  فنجد مقتضياتهم عامة لأنها تنطبق على سائر الموظفين عند ارتكابهم لأخطاء جسيمة أو تدليس فالفصل 79 من قانون الالتزامات و العقود ينظم المسؤولية المصلحية للمحافظ العقاري الناتجة عن ارتكابه لخطأ مصلحي ، أما الفصل 80 ق.ل.ع  ينظم المسؤولية الشخصية للمحافظ العقاري التي تتار كلما ارتكب تدليسا أو خطأ جسيم  ألحق ضررا بالغير المتعامل مع المحافظة العقارية ، وعله في ضوء قانون الالتزامات و العقود ولا سيما الفصل 80 منه يكون المعيار المعتمد في تقييم الخطأ الشخصي هو معيار التدليس ألى جانب معيار الخطأ الجسيم [19].
وعبارة التدليس المتضمنة في الفصل 80 ق.ل.ع  هي عبارة شاملة و عامة حيث إنها تشمل مجموعة من التصرفات الصادرة بسوء نية الموظف الذي يمارس عمله قصد مصالح شخصية [20] .
  كما استعمل أيضا الفصل 80 ق.ل.ع معيار الخطأ الجسيم قصد إثارة مسؤولية المحافظ على الأملاك العقارية الشخصية فإذا بلغ الخطأ درجة من الجسامة فإنه يعرض المحافظ العقاري للمتابعة الشخصية في إطار قواعد المسؤولية التقصيرية لأن حق المطالبة بالتعويض ثابت و مشروع ، والتعويض هنا يكون عبر طريقتين أو صورتين .
أولا  إما الرجوع على المحافظ العقاري شخصيا بناء على الخطأ الشخصي المرتكب ، أو الرجوع على الدولة بإعتبارها ضامنة للأخطاء المصلحية لمستخدميها بناء على الخطأ المصلحي للمحافظ العقاري .
إلا أن هذا الرجوع القانوني ليس بالأمر السهل لمجموعة من الأسباب منها :
ü           صعوبة تحديد طبيعة خطأ المحافظ العقاري في ما إذا كان شخصيا أو مصلحيا .
ü           الإزدواجية القانونية المنظمة لهذا الخطأ بين ق.ل.ع    و  ظهير التحفيظ العقاري، ومع ذلك فإن تحديد الطبيعة القانونية لخطأ المحافظ العقاري له أهمية خاصة تتجلى في تحديد الجهة المسؤولة عن تعويض الضرر الذي لحق المتضرر فيما إذا كان المحافظ نفسه أو الدولة.
ü           تحديد المحكمة المختصة للنظر في دعوى التعويض نوعيا بين المحاكم الإدارية على أساس الخطأ المصلحي والمحاكم الإبتدائية على أساس الخطأ الشخصي .


الفقرة الثانية : مسؤولية المحافظ في إطار القواعد الخاصة.
  بالإضافة إلى المسؤولية المدنية للمحافظ العقاري في إطار القواعد العمة لقانون الالتزامات و العقود هناك مسؤولية أخرى ضمنها المشرع ضمن القواعد الخاصة و الأمر المتعلق  بظهير 12 غشت 1913  بالتحفيظ العقاري كما و قع تغييره و تتميمه بموجب القانون 14,07 .
  وبالرجوع إلى كل المقتضيات الخاصة نستشف تعدد و تنوع هذه النصوص الأمر الذي جعل مسؤولية المحافظ العقاري صعبة و جسيمة ، و على العموم فهي مؤسسة إما على تدليسه أو على خطأه الشخصي .
v          القواعد القانونية المنظمة للخطأ الشخصي للمحافظ العقاري:
نظرا لأعمال المحافظ العقاري وخطورتها أصبح هذا الأخير مسئولا عن مجموعة من الأخطاء التي ورد النص عليها في ظهير التحفيظ العقاري ومن ذلك الفصل 97 حيث تقام مسؤولية المحافظ العقاري  نتيجة إغفال التضمين بسجلاته لكل تقييد او بيان أو تقييد احتياطي أو تشطيب طلب منه بصفة قانونية ، وكذا إغفال التضمين بالشهادات أو نظائر الرسوم العقارية المسلمة والموقعة من طرفه لكل تقييد أو بيان أو تقييد احتياطي أو تشطيب مضمن بالرسم العقاري .
 فالمحافظ على الأملاك العقارية بعد تفحصه بدقة للوثائق الموجبة للتقييد بالرسم العقاري تستخلص منها بيانات موجزة ويقيدها بسجل خاص يسمى بسجل التقييدات فمسؤولية المحافظ تقام إذا لم يطبق مقتضيات الفصل 97 المذكور ، وحتى تكتمل مسؤولية المحافظ لا يكفي وجود عنصر الخطأ ، بل لا بد من أن يكون عنصر الضرر قد حصل بسبب الخطأ وبالتالي قيام العلاقة السببية ، و الخطأ الذي يتسبب في إثارة المسؤولية خطأ شخصي إذ ينتسب مباشرة لشخص المحافظ على الأملاك العقارية [21] .
v          القواعد القانونية المنظمة لتدليس المحافظ العقاري :
بالرجوع إلى الفصل 64 من ظهير التحفيظ العقاري نستنتج أن أساس مسِؤولية المحافظ العقاري الناتجة عن التدليس حيث جاء فيه ما يلي ” لا يمكن إقامة أي دعوة في العقار بسبب حق وقع الإضرار به من جراء التحفيظ .
يمكن للمتضررين في حالة تدليس فقط أن يقيموا على مرتكب التدليس دعوى شخصية بأداء التعويضات ,
في حالة إعسار المدلس تؤدي التعويضات من صندوق التأمينات المحدث بمقتضى الفصل 100 من هذا القانون “
 يتضح من خلال  الفصل 64 من ظهير التحفيظ العقاري أن المشرع المغربي قد منح الشخص المالك لعقار أو لحق عيني سبق تحفيظه تدليسا من عدم  المطالبة بإسترجاعه عينا بفعل القوة والمناعة المطلقة لقرار التحفيظ و عدم قابليته للطعن بجميع طرق الطعن المقررة في قانون المسطرة المدنية لكن بالمقابل أجاز الفصل 64 من ظهير التحفيظ العقاري لهذا المالك حق المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحقه نتيجة هذا التحفيظ و ذلك في مواجهة مرتكب التدليس .
ويجب أخذ التدليس كسبب لإثارة مسؤولية المحافظ العقاري بمفهومه الواسع بشكل مستقل عن التدليس كعيب من عيوب الرضى المنصوص عليه في قانون الالتزامات و العقود [22] ، ذلك أن التدليس حسب الفصل 64 من ظهير التحفيظ العقاري قد يتحقق مثلا في الحالات التالية :
ü           سكوت الشخص عن تقييد العقار في اسمه مع علمه المسبق أنه ليس مالكا له
ü            كل فعل يؤدي إلى تقييد العقار على إسم غير مالكه حتى ولو كان هذا الفعل مجرد تصريح كاذب.
وعليه فإن كل عمل ترتب عنه ضياع حق من قرار التحفيظ يعطي الحق للمتضرر في طلب التعويضات عما لحقه من أضرار سواء مادية أو معنوية[23].

بالإضافة إلى المسؤولية الشخصية للمحافظ العقاري قد تترتب مسؤولية مالية و ذلك تبعا للصفة المنقوطة بالمحافظ العقاري باعتباره بمثابة محاسب عمومي كما نص على ذلك الفصل 25  من ظهير 1979 بحيث اعتبر المحافظ موظفا عموميا :
نص الفصل على انه [24]يعد محاسبا عموميا بالنسبة للمجلس الأعلى للحسابات كل موظف أو عون مؤهل لان يباشر باسم جهاز عام عمليات قبض الموارد أو دفع النفقات أو استعمال السندات إما بواسطة أموال  و قيم معهودة إليه بحراستها و إما بتحويلات حسابية داخلية و إما بواسطة محاسبين عمومي آخرين أو حسابات خارجية للأموال المتوفرة يأمر برواجها أو المراقبة وعلى اعتبار أن المحافظ موظف عمومي فإمكانية ارتكاب جرائم في مجال المسؤولية المالية يبقى واردا وعملا بالقاعدة الدستورية القائمة على ربط المسؤولية بالمحاسبة .


المسؤولية الجنائية للمحافظ العقاري
استنادا الى ظهير 12 غشت 1913 المعدل و المتمم بمقتضى قانون 14.07 على انه [25] :
–                يقوم عن علم و بقصد جلب ربح غير مشروع لشخص أخر بتزوير أو تزييف أو تحريف للرسوم العقارية أو نظائرها أو القائم أو الشهادات التي يسلمها المحافظ على الأملاك العقارية  طبقا لمقتضيات هذا القانون أو يستعمل مستندات مزورة أو مزيفة أو محرفة على الكيفية المذكورة.
–                يقترف زور في المحررات المقدمة بقصد التشطيب أو التقييد إما بتزييف أو تحريف كتابات أو توقيعات و إما بخلق أشخاص وهميين أو باصطناع اتفاقات أو تصرفات أو إجراءات آو إدراج ذلك في تلك السندات بعد تحريرها بإضافة أو تزييف شروط أو تصريحات  ووقائع كان غرض تلك المحررات أن تثبتها.
كما أن المشرع  المغربي  تطرق من خلال القانون الجنائي إلى مجموعة من الجرائم التي يمكن أن تكون لها صلة بالمحافظ العقاري كجريمة الاختلاس أو الرشوة.
الفقرة الأولى : المسؤولية المالية للمحافظ العقاري.
أ‌-             جريمة الاختلاس :
 تعد جريمة الاختلاس من بين أكثر الجرائم خطورة التي يرتكبها الموظف العام و التي موضوعها الأموال الموجودة في حيازته بمقتضى و وظيفته أو بسببها بحيث أن تكون تلك الأموال عامة أو خاصة أو مملوكة لأحد الإفراد بحيث يعلل هذا التجريم أيضا إن فعل الموظف هنا ينطوي على خيانة للأمانة التي حملتها الدولة للموظف و الثقة التي وضعتها فيه حينما عهدت إليه بحيازة مال لحسابها .
حيث جاء في الفصلين 241 و 242 من القانون الجنائي على انه ‘’  يعاقب بالسجن من خمسة إلى عشرين سنة مع الغرامة كل قاض أو موظف عمومي بدد أو اختلس أو احتجز بدون حق أو أخفى أموالا عامة أو خاصة أو سندات تقوم مقامها أو حججا أو سندات أو عقودا أو منقولات موضوع تحث يده بمقتضى وظيفته’’.
و يكفي لتحقق عنصر الاختلاس و إتمام الجريمة و إثبات نية انصرام نية الموظف إلى التصرف في ما يحوزه بصفة قانونية على اعتبار انه مملوك له  ولو لم  يتم هذا التصرف بالفعل إذ يتعين أن تكون في التصرف في المال أو نقل حيازته التامة لمصلحته مصحوبة بأعمال تكشف بوضوح بصفة نهائية .
ب‌-       جريمة الرشوة :
رغم تعدد التعاريف الفقهية لجريمة الرشوة إلا أنها تصب في العناصر الأساسية المكونة للجريمة و عرفها البعض أنها  اتجار الموظف العام في إعمال وظيفته وذلك بتقاضيه أو قبوله أو طلبه مقابلا نظير قيامه بعمل من إعمال وظيفته أو امتناعه عنها , واستنادا إلى هذا التعريف يتضح أن الرشوة تقوم على فكرة اتجار الموظف بإعمال وظيفته و إخلاله بواجباته الوظيفية و جعلها مصدرا للكسب غير المشروع .
وبالتالي فالعقوبة التي أقرها المشرع على مرتكب جريمة الرشوة وفقا للفصل 249 من القانون الجنائي يعد مرتكبا لجريمة الرشوة و يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات مع الغرامة.
الفقرة الثانية : المسؤولية الجنائية للمحافظ العقاري
استنادا إلى الفصل 224 من القانون الجنائي الذي يقر بأنه ” يعد موظفا عموميا في تطبيق أحكام التشريع الجنائي  كل شخص كيفما كانت صفته يعهد إليه في حدود معينة بمباشرة وظيفة أو مهمة ولو مؤقتا باجر أو بدون أجر يساهم يذلك في خدمة الدولة أو المصالح العمومية أو الهيئات البلدية أو المؤسسات العمومية أو المصلحة ذات النفع العام على أن تراعى صفة الموظف أثناء ارتكاب الجريمة على أن هده الصفة تعتبر باطلة له بعد انتهاء خدمته أذا كانت هي التي سهلت له ارتكاب الجريمة ومكنته من تنفيذها”.
في هذا الصدد سنتطرق إلى جريمتي استغلال النفوذ وجريمة الغدر
التي تدخل في أطار المسؤولية الجنائية المرتبطة بالمحافظ العقاري :
جريمة استغلال النفوذ :
تطرق المشرع المغربي من خلال المادة 250 من القانون الجنائي لتجريمه هذه الجريمة على اعتبار أن هذه الأخيرة تخل بمبدأ المساواة بين المواطنين أمام المرافق العامة للدولة مما يؤذي إلى الإثراء الغير المشروع للجاني والى صيرورة الوظيفة العامة ما تخوله له من نفوذ عقوبتها تتمثل في الحبس من سنتين إلى خمس سنوات مع غرامة مالية أذا كان الجاني قاضيا أو موظفا عموميا أو له مركز مالي فالعقوبة ترتفع إلى الضعف
ب: جريمة الغدر :
التي سماه المشرع المغربي على غرار المشرع الفرنسي من خلال المادة 174 من القانون الفرنسي
العذر هو كل فعل ضار صادر عن الموظف العام الذي خول له القانون إما تحصيل الرسوم أو غرامات أو عوائد أو ضرر أو نحوها عندما يطلب أو يأخذ ما ليس مستحقا أو يتعمد الزيادة على المستحق.
 وفقا للفصل 224 من القانون الجنائي يعد موظفا عموميا في تطبيق أحكام التشريع الجنائي كل شخص كيفما كانت صفته عهد إليه في حدود معينة لمباشرة وظيفة أو مهمة ولو مؤقتا بأجر أو بدون أو أجر يساهم بذلك في خدمة الدولة. أو المصالح العمومية أو الهيئات العمومية أو المؤسسات العمومية أو مصلحة ذات النفع العام.


خاتمة
مما سبق يتضح بأن المحافظ العقاري يلعب دورا محوريا في كل مراحل التحفيظ العقاري وهذا من أجل حماية وتحقيق الملكية العقارية. ويمتد دوره إلى مرحلة تنفيذ الأحكام القضائية بحيث يعتبر هو المختص بتنفيذ هذه الأحكام ابتداء من تاريخ بعثه نسخة من الحكم. أضيف إلى ذلك بأن مسؤولية المحافظ في إطار الأدوار المنوطة به من خلال مقتضيات قانون التحفيظ العقاري تخضع للفصلين 79 و 80 من قانون الالتزامات والعقود المغربي٬ باستثناء الحالات المحددة في المادة 97 من ظهير التحفيظ العقاري. 


لائحة المراجع:
  الكتب القانونية:
أستاذنا  د . محمد محبوبي ، أساسيات في نظام التحفيظ العقاري والحقوق العينية العقارية
د . محمد خيري ، العقار وقضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي
د . إدريس الفخوري ، نظام التحفيظ العقاري وفق آخر مستجدات القانون 14.07
د. مختار بن أحمد العطار : التحفيظ العقاري في ضوء القانون المغربي

المقالات القانونية: .
د .أحمد أجعون ، مقال عن المحافظ العقاري : إختصاصاته مسؤولياته وضعيته الإدارية
        القوانين المعتمدة :
         ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بقانون الالتزامات والعقود
         ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري المعدل والمتمم بمقتضى قانون 14.07 القانون الجنائي المغربي.
         ظهير 1979 المتعلق مجلس الأعلى للحسابات .

[1] – أحمد أجعون ، المحافظ العقاري : اختصاصاته،مسؤولياته،ووضعيته الإدارية مقال منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد مزدوج 54 -55 يناير – أبريل 2004

[2] -أستاذنا محمد محبوبي ، أساسيات في نظام التحفيظ العقاري،مطبعة المعارف الجديدة،الرباط،٢٠١٤،ص٨٣

[3] الفصل 6 من قانون التحفيظ العقاري

[4] د .محمد خيري العقار وقضايا التحفيظ في التشريع المغربي دار النشر معرفة طبعة 2014 ص 148

[5] الفصول 10 11 12 قانون التحفيظ العقاري

[6] د .محمد خيري مرجع سابق ص 157

[7] استادنا محمد المحبوبي أساسيات في نظام التحفيظ العقاري ص 49

[8] استاد محمد المحبوبي مرجع سابق ص 49

[9] الفصل 17 من قانون التحفيظ العقاري

[10] AHMED EL BATOULI : le roule des conservateurs dans l’immatriculation foncier. Mémoire de D.E.S Faculté du Droit – rabat – 1988 / 1989 p 47

[11] – أستادنا محمد المحبوبي أساسيات في نظام التحفيظ العقاري مرجع سابق ص 49

[12] مختار بن أحمد العطار : التحفيظ العقاري في ضوء القانون المغربي ط 1

[13] راجع بهذا الخصوص الفصول 17 19 20 21 22 23 من قانون التحفيظ العقاري

[14] استادنا محمد المحبوبي مرجع سابق ص 53

[15] ادريس الفخوري نظام التحفيظ العقاري وفق القانون 1407 مطبعة الجسور ص 96

[16] دكتور محمد خيري، العقار و قضايا التحفيظ العقاري ، مطبعة المعارف الجديدة ، الرباط طبعة 2014 ، ص 381

[17] ادريس الفاخوري، نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون 14.07. مطبعة المعارف الجديدة ، الرباط ، 2015 ص 171

[18] ينص الفصل 35 من الدستور المغربي 2011 في فقرته الاولى ”يضمن القانون حق الملكية ”

[19] ادريس فاخوري ، نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات قانون 14.07 ص 184 ط 2016

[20] ادريس فاخوري مرجع سابق ص 184

[21] ادريس فاخوري مرجع سابق ص 182

[22] الفصل 52 من قتنون الالتزامات و العقود .

[23] ادريس فاخوري مرجع سابق ص 189

[24] فصل 249 من القانون الجنائي.

[25] المادة 104 من قانون 14.07

.

ضع تقييمك لهذه المقالة
شارك مع أصدقائك